تكريم المنوفي في يوم المترجم من المركز القومي للترجمة بالقاهرة
- ۱۸ أكتوبر، ۲۰۲۵
 - مقالات, مقالات الرأي
 - 0 Comments
 
السبت 18 اكتوبر 2025 ، وكالات أنباء
قام المركز القومي للترجمة بالقاهرة في تاريخ 30 سبتمبر 2025م بتكريم الراحل عن عالمنا الأستاذ الدكتور علي المنوفي، أستاذ اللغة والأدب الإسباني بجامعة الأزهر، وعمل كذلك مترجما لرئيس جمهورية مصر العربية ووزارة الخارجية المصرية، وعضوا مراسلا للأكاديمية الملكية للتاريخ بمملكة إسبانيا في ديسمبر 2017. وألقى أثناء هذا التكريم نجله الدكتور المهندس كريم علي المنوفي بكلمة أمام المشاركين في احتفالية يوم المُترجم في المركز القومي للترجمة بالقاهرة، وجه خلالها الشكر إلى معالي الأستاذة الدكتورة رشا صالح، مديرة المركز القومي للترجمة والسادة فريق عمل المركز القومي للترجمة، والدكتورة مجدالينا كروث، مستشارة الشؤون الثقافية والعلمية لسفارة مملكة إسبانيا في القاهرة.

أكد الدكتور المهندس كريم المنوفي في كلمته بأنه يعتز باستحضار من هذا المكان ذكرى الراحل الدكتور علي المنوفي بمناسبة احتفالية يوم المترجم التي يقيمها المركز القومي للترجمة، هذا الصرح المصري والعربي الرائد الذي يقوم بدور ثقافي وحضاري كبير في نقل المعارف المختلفة من وإلى العربية. واستعرض كريم المنوفي نبذة عن حياة والده الدكتور علي المنوفي الذي ولد في محافظة الغربية عام 1949، وحصل على الثانوية الأزهرية – بالمركز العاشر على مستوى الجمهورية – ثم على ليسانس اللغات والترجمة من جامعة الأزهر، قبل أن يحصل على درجة الدكتوراه في الشعر الإسباني المعاصر بعد الحرب الأهلية الإسبانية من جامعة سلمنقة، وهي إحدى أعرق الجامعات الإسبانية. ثم عمل المنوفي بعد عودته من إسبانيا في مجال الإرشاد السياحي، قبل أن يتفرغ للترجمة.
وكان المنوفي شغوفا بالدراسات الفكرية في المجالات المختلفة بغية سد الثغرات التي تحتاجها الثقافة العربية في مختلف المعارف الإنسانية، ومع ذلك كان محبا للأدب حيث ترجم نحو ستة أعمال ابداعية بين الرواية والقصة القصيرة والشعر ضمن ما يزيد عن 50 كتابا، والتي ما يزال بعضها قيد النشر حتى الآن، وتم نشر معظم انتاجه من الترجمة ضمن المشروع القومي للترجمة. كما أن لعلي المنوفي دراسات وأبحاث منشورة بالعربية والإسبانية من بينها “القصة الإسبانية ما بعد الحرب الأهلية” 1995، و”القصة في رواية غابرييل غارسيا ماركيز” 2000، ودراسة مقارنة لبعض ترجمات معاني القرآن الكريم الى اللغة الاسبانية مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف 2001.

ومن الجدير بالذكر أن مشاريعه الخاصة بالترجمة لم تقتصر على مجال تخصصه الدقيق فقط، وهو الأدب الإسباني، بل تعداه إلى ميادين الثقافة الرحبة والثرية مثل التاريخ والآثار والفلسفة والفنون. وطرق الدكتور المنوفي مجالات مجهولة بالنسبة للمترجمين عن الإسبانية، حيث كان أول من ترجم العديد من الكتب عن العمارة الأندلسية والفن الإسلامي في إسبانيا والبرتغال، حيث ترجم معظم كتب العالمين الإسبانيين الدكتور باسيليو بابون مالدونادو، والدكتور رفائيل لوبث جوثمان، عن العمارة المدجنة والأندلسية من مساجد وقصور وحصون ومياه ومدن، وبلغت في مجموعها 15 كتابا عن فن العمارة.
ومن أبرز ما ترجم المنوفي رواية ” الحجلة”، التي صدرت في طبعتين واحدة من المركز القومي للترجمة و أخرى من دار نشر خاصة للروائي الأرجنتيني خوليو كورتاثار، و كتاب ” إسبانيا في تاريخها: المسيحيون و المسلمون و اليهود” للمفكر الإسباني الدكتور أمريكو كاسترو، و كتاب “المرآة الدفينة” للأديب المكسيكي كارلوس فوينتس، و كتاب” الترجمة ونظرياتها مدخل لعلم الترجمة” للدكتورة الإسبانية أمبارو أورتادو ألبير، و كتاب” مواطنون حول العالم” للفيلسوفة الإسبانية عديلة كورتينا، و مشاركته في ترجمة كتاب “تاريخ إسبانيا الإسلامية من الفتح إلى سقوط الخلافة القرطبية” للمؤرخ الفرنسي ليفي بروفنسال، وكتاب “مكتبة الإسكندرية: فك طلاسم اللغز” للباحث والدبلوماسي الإسباني بابلو دي جيفنوا، وكتاب “تاريخ الفكر الفلسفي في أمريكا اللاتينية” للمفكر الإسباني الدكتور خابيير بيورليجي، و كتاب “كيف تعدّ رسالة دكتوراه” للمفكر الإيطالي أمبرتو إيكو، وكتاب ثورة الإسلام في الغرب للباحث الإسباني إغناثيو أولاغوي، وكتاب حتشبسوت من ملكة إلى فرعون مصر للباحثين الإسبانيين تيريسا بيدمان ومارتين فالنتين، والذي حاز به على جائزة الشيخ حمد للترجمة في عام 2014م، ورواية “الأرجنتين: كان يا مكان” للروائي الأرجنتيني أندريس نيومان.

ذكر الدكتور كريم المنوفي في كلمته قائلا: “لقد رحل عن عالمنا الأستاذ الدكتور علي المنوفي في ٢٦ أبريل ٢٠١٨ إثر أزمة قلبية داهمته فجأة وهو بين طلابه. وصافح المنوفي الموت وهو قائم شامخ، كما كان يتمنى دائمًا؛ أن يلقى ربه مستقلاً، عزيز النفس وثابت الخطى. فاستجاب القدر، ومنحه خاتمةً مباركة، ختمها بروحه النقية الطاهرة. وإن مسحت الأيدي ما كتبه بالقلم على السبورة، فإن أثره لم يُمحَ من القلوب؛ بل ظل حيًّا، يتردد في وجدان كل من جلس يومًا ليستمع إليه أو تأمل فكره. بعد مرور أكثر من سبع سنوات على رحيله، لا نكاد نصدق أن المقعد الذي كان يضيء بحضوره قد خلا، وأن الأبواب التي كان يعبر منها بابتسامة لن تراه من جديد”.
وأضاف في ختام كلمته قائلا: “عزاءنا أن الرحيل لم يُغلق الصفحات التي تركها. مقالاته وأبحاثه وترجماته وأفكاره ولقاءاته وعمله، بل وحتى أحاديثه العابرة في الممرات، كلها ستظل شاهدة على أنه لم يمت؛ وإنه لن يكف عن الوجود، بحضوره وغيابه، على حد السواء. ما زال الحبر الذي أراقه لم يجف، وما زال الأثر الذي تركه يتسع كل يوم”.

