الحكومة الإسبانية تُثني على اهتمام الحكومة القطرية بتعزيز التعاون الثقافي والتجاري، وتُشيد بجهود الوساطة الدبلوماسية للدوحة
- ۱۹ ديسمبر، ۲۰۲۵
- سياسة
- 0 Comments

بقلم د. احمد حسين الشاذلي
مدرس الترجمة واللغة الإسبانية BUC University in Cairo
عضو مؤسس لجريدة Hisparabia Hoy S.L في مملكة إسبانيا
الجمعة 19 ديسمبر 2025 ، وكالات أنباء
اجتمع وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، في العاصمة القطرية الدوحة مع رئيس الوزراء وزير خارجية قطر صاحب السمو الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وذلك على هامش مشاركة المسؤول الإسباني في “منتدى الدوحة”.
أبرز المسؤولان علاقات التعاون الثنائي الممتازة التي تجمع البلدين، والتي تُرجمت فيما يعرف بـ “الحوار الاستراتيجي الثنائي” بين إسبانيا وقطر، واتفقا على العودة لعقد النسخة القادمة من هذا الحوار في أقرب وقت ممكن، والتي تم إرجاءها في وقت سابق بسبب الهجمات الإيرانية التي وقعت في شهر يونيو الماضي، على أن يتم كذلك إدراج التعاون الدولي وملف التعاون في مجال الصحة بين البلدين إلى الحوار المذكور، وتعزيز بذلك الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين قطر وإسبانيا. ومن جانبه، أشاد وزير الخارجية الإسباني بإعلان الحكومة القطرية بأن يحمل عام 2029م اسم “العام الثقافي لإسبانيا والبرتغال” في قطر، واعتبر بأن هذا الاعلان سيمثل فرصة مميزة لتحقيق المزيد من التقارب بين الشعوب في البلدين، ويدعم التعاون الثقافي، ويُعزز تنوع الابداع الإسباني في قطر.
كما تناول المسؤولان أثناء هذا الاجتماع علاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين، وأشادا بتحول قطر لتكون المستمثر الخليجي الثاني داخل السوق الإسباني، وتحديدا في قطاعات حيوية للاقتصاد المحلي لإسبانيا، فضلا عن مشاركة الشركات الإسبانية وبشكل فعال فيما تعرف بالرؤية الوطنية القطرية National Vision 2030، وأشار وزير الخارجية الإسباني إلى أهمية منح الأولوية لدعم الاتفاقية الموقعة في وقت سابق بين كل من الشركة الإسبانية لتمويل التنمية COFIDES وجهاز قطر للاستثمار Qatar Investment Authority وذلك لتحديد مسارات الاستثمار القطري داخل إسبانيا، حيث كان المسؤول الإسباني قد التقى قبل اجتماعه بنظيره القطري بالرئيس التنفيذي لهذا الجهاز، محمد السويدي، وذلك لبحث تعزيز التعاون في قطاعات استراتيجية لها علاقة بالتحول الأخضر والرقمنة والتكنولوجيا المُتقدمة.
أما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فقد أكد وزير خارجية إسبانيا أمام المسؤول القطري بأن بلاده تدعو لسرعة التقدم في تفعيل القرار رقم 2803 لمجلس الأمن الذي يرمي إلى حل الدولتين وتحقيق السلام، وأضاف بأنه من الضروري تحديد “مسار واضح، بإجراءات مُحددة لا رجعة فيها يمكن تطبيقها في مواعيد قابلة للتحقيق، من أجل تعزيز الحراك السياسي الراهن، على أن تكون أولوية ضمان وجود السلطة الوطنية الفلسطينية في كافة آليات المرحلة الانتقالية غير قابلة للتفاوض”. وأثنى وزير الخارجية الإسباني على دور قطر المحوري – رغم التهديدات والهجمات التي تعرضت لها- في احتواء التصعيد وتسهيل التواصل وفتح طرق للحوار في المنطقة، والبحث كوسيط عن مخرج للصراع في الشرق الأوسط، وفي مناطق أخرى في العالم – في إشارة إلى تلك الوساطة القطرية التي أسهمت في التوصل لاتفاق سلام في كولومبيا، وهو الاتفاق الذي شاركت فيه كذلك إسبانيا -.
تجدر الإشارة بأن وزير الخارجية الإسباني كان قد شارك في فعاليات منتدى الدوحة، وقام بإجراء عدد من المداخلات أثناء هذا المنتدى، التي أبرز خلالها أهمية الوساطة الدبلوماسية الاقليمية والدولية لحل الصراع في الشرق الأوسط، ومستقبل قطاع غزة الفلسطيني، وضرورة الدفاع عن حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام في المنطقة. وأكد على أهمية تلك الدبلوماسية الجديدة التي تُعرف باسم “الدبلوماسية من أجل السلام”، واعتبر بأن لها دور هام في ظل عالم مُنقسم بشكل كبير، وشدد
على أنها دبلوماسية تدعو لتحقيق التناغم والانسجام وتعزيز الحوار وتُقدم مقترحات مشتركة وجهود مُنسقة من أجل التوصل للاستقرار والسلام. وذكر بأنه دافع عن هذه الدبلوماسية الجديدة في محافل دولية أخرى مثلما حدث في تلك المنتديات التي شارك فيها مؤخرا وُعقدت في كل من المركز الدولي للسلام في طليطلة CITpax، وتحالف الحضارات، ومركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات KAICID، والشبكة الايبروأمريكية للنساء الوسيطات ومنتدى الدوحة.
أشار إلى أن العالم “في تحول مستمر” وأصبح مليئا بالتحديات التي لا يمكننا التصدي لها بالدبلوماسية التقليدية، لاسيما وأننا في عالم شديد التعقيد، ومُتعدد الأصوات والخبرات التي يجب أن نستمع إليها، مثل صوت المرأة، التي لها دور كبير في العمل الدبلوماسي، وهو ما اتضح في إعلان مدريد لاستضافة خلال العام المقبل 2026م لمؤتمر السياسة الخارجية النسائية. وذكر بأن الدبلوماسية الإسبانية تعتمد على عقد تحالفات مع أطراف إقليميين ودوليين بارزين في مناطق محورية مثل الشرق الأوسط أو الخليج العربي أو في إفريقيا، وهي التحالفات القائمة على المصالح الاستراتيجية المشتركة، وعلى الدفاع عن قيم مُشتركة ترتكز على التعددية والقانون الدولي.
وأضاف بأن هذا النوع من الدبلوماسية المُتطورة يجب أن يضع في الاعتبار التعددية الدينية وتأثير التكنولوجيات الناشئة والذكاء الاصطناعي، وكيفية تحويل هذه الأدوات لخدمة السلام وليس لاستبدال العقل البشري، وذكر بأن الوسطاء يجب أن يتأهبوا للتصدي لتحديات وعقبات من بينها تداول المعلومات والأخبار المُضللة.
التقى وزير الخارجية الإسباني أثناء مشاركته في ندوة حول “حاضر ومستقبل غزة” بمنتدى الدوحة بالوزيرة المفوضة بوزارة الخارجية السعودية، الدكتورة منال رضوان، ونقل للمسؤولة السعودية بأن المنطقة تمر بمفترق طرق مُعقد، إلا أنه يجب استغلال هذه اللحظة للتوصل لتحقيق السلام والأمن والكرامة التي يُطالب به الاسرائيليون والفلسطينيون، وأنه يجب إدانة أن تستمر حلقات العنف، إلى جانب وجوب الاعتراف المُشترك بأن ذلك هو الطريق الصحيح”. وأشار إلى أن غزة تحتاج للحوار بين أطراف الصراع.
