حكومة إسبانيا تتعهد برفع السرية عن المعلومات التي تمتلكها الاستخبارات حول هجمات برشلونة لعام 2017م

الخميس 26 سبتمبر 2024 م ، وكالات أنباء

أكدت مصادر بالحكومة الإسبانية بأن حكومة إسبانيا مُستعدة لإلغاء السرية المفروضة على التفاصيل والمعلومات التي يمتلكها المركز الوطني للاستخبارات الإسبانية CNI والمُتعلقة بالهجمات الإرهابية التي وقعت في أغسطس 2017م في كل من مدينتي برشلونة و كامبرليس الواقعتان في إقليم كتالونيا في شرق إسبانيا، وذلك على الرغم من تأكيد تلك الحكومة بأن الاستخبارات الإسبانية لا علاقة لها بهذه الهجمات، وأنها لا تمتلك أي معلومات أخرى غير تلك التي تم الكشف عنها في وقت سابق للأجهزة الحكومية والأمنية المختصة في إسبانيا.

ويتزامن استعداد الحكومة الإسبانية للكشف عن المعلومات السرية الخاصة بتلك الهجمات مع إعادة تفعيل لجنة التحقيق البرلمانية بمجلس النواب الإسباني – المعرفة باسم لجنة عملية كتالونيا Operación Cataluña- التي تنظر في تفاصيل هذه الهجمات الإرهابية، حيث طالب الأعضاء المنتمون إلى الأحزاب الانفصالية الكتالونية – حزب اليسار الجمهوري ERC و الائتلاف القومي الكتالوني JUNTS- في هذه اللجنة بالسماح لهم بالاطلاع على المعلومات المُتعلقة بالهجمات المذكورة، والتي يمتلكها المركز الوطني للاستخبارات الإسبانية CNI.

كان الائتلاف الانفصالي الكتالوني JUNTS قد أكد في أغسطس 2023م بأنه توصل لاتفاق مع الحزب الاشتراكي PSOE كي يسمح الحزب الحاكم بانشاء لجنتين برلمانيتين داخل مجلس النواب الاسباني للتحقيق في الهجمات الارهابية التي وقعت في كل من مدينتي برشلونة و كامبرليس بتاريخ 17 أغسطس 2017م، ولجنة أخرى لإعادة التحقيق في قضية التجسس على القيادات الانفصالية الكتالونية باستخدام البرنامج الاسرائيلي Pegasus، وذكر الائتلاف المذكور آنذاك بأنه يطالب تحديدا – من خلال انشاء هذه اللجنة- بتوضيح العلاقة بين المركز الوطني للاستخبارات الاسبانية CNI وزعيم الخلية المنفذة للعمليات الارهابية في برشلونة و كامبرليس وهو الإمام الأسبق لمسجد بلدية ريبول التابعة لمحافظة برشلونة، عبد الباقي الساتي، وما اذا كان هذا الجهاز الأمني كان على علم بتلك الهجمات قبل حدوثها.

الجدير بالذكر بأن صحيفة Público الإسبانية كانت قد قامت بتاريخ 18 يوليو 2019 بنشر تقرير يشير إلى أن المركز الوطني للاستخبارات الإسبانية CNI كان قد قام بتجنيد المدعو عبد الباقي الساتي في عام 2014م وذلك مقابل عدم ترحيله إلى بلده المغرب – بعد قضاء عقوبة السجن لمدة 4 سنوات في إسبانيا بتهمة الاتجار في المخدرات- وسمح له الجهاز الأمني الإسباني بأن يصبح إماما لمسجد بلدية ريبول التابعة لمحافظة جيرونا  في شرق إسبانيا قبل أن يتحول في الأخير لتشكيل خلية من عناصر شابة كانت تخطط لتنفيذ عمليات إرهابية ضد منشئات سياحية ودينية بمدينة برشلونة في أغسطس من عام 2017م باستخدام عبوات ناسفة كان يقوم بتصنيعها بعض أعضاء تلك الخلية داخل أحد المنازل ببلدية الكانار، قبل أن يتسبب انفجار إحدى تلك العبوات في مصرع جميع العناصر المذكورة ومن بينهم زعيم الخلية المدعو عبد الباقي الساتي.

وكانت قوات الشرطة الإسبانية قد قامت بتوقيف المدعو عبد الباقي الساتي في عام 2010 أثناء قياداته لإحدى الشاحنات وبها 136 كيلو من مخدر الحشيش حيث كان يسعى لنقل تلك الكمية إلى مدينة سبتة في جنوب إسبانيا، وذكر بأنه كان مضطرا لنقل تلك المواد المخدرة تحت تهديد إحدى الجماعات الإسلامية المتطرفة، وهو ما دفع المركز الوطني للاستخبارات الإسبانية CNI للتفكير في تجنيده خاصة وأنه كان على علاقة بتلك العناصر الإرهابية وذلك بهدف تزويد الجهاز الأمني المذكور بمعلومات عن تلك العناصر ونشاطها داخل إسبانيا.

ذكرت الصحيفة الإسبانية في تقريرها الاخباري المذكور بأن مصادر أمنية رفضت الإفصاح عن هويتها كانت قد أكدت بأن ضباط من المركز الوطني للاستخبارات الإسبانية CNI كانوا قد التقوا بالمدعو عبد الباقي الساتي داخل محبسه في عام 2014م وعقدوا معه اتفاق بأن يكون عميلا سريا للجهاز الأمني الإسباني عند خروجه من السجن مقابل أن يضمن له الأخير عدم ترحيله إلى المغرب – مثلما كانت تنتوي الجهات القضائية في إسبانيا- وساعدته الاستخبارات الإسبانية كي يتم قبوله كإمام لمسجد بلدية ريبول  الإسبانية وذلك كي يزود المركز الوطني للاستخبارات في إسبانيا بمعلومات عن العناصر المتطرفة بين الجالية المسلمة ونشاطها في محافظة جيرونا  بإقليم كتالونيا الإسباني، حيث كان المدعو عبد الباقي الساتي يحضر تلك الاجتماعات التي كان يقوم خلالها الإرهابي المغربي محمد مرابط فحصي  بتجنيد عناصر شابة داخل منزله وفي محل الجزارة المملوك له في بلدية بيلانوفا لاجيلتروه بمحافظة برشلونة، وكانت الشرطة الإسبانية قد طلبت من المحكمة الوطنية الإسبانية استصدار تصريح قضائي بالتجسس على هاتف الإرهابي عبد الباقي الساتي بعدما باتت تشك في إمكانية أن يكون وسيطا في تقديم الدعم اللوجيستي للعناصر الإرهابية داخل إسبانيا، إلا أن هذا التصريح قد تم إلغائه بعد شهر واحد فقط من صدوره بناء على توصيات من المركز الوطني للاستخبارات الإسبانية CNI.

وبعد الكشف عن تلك المعلومات بدأت الأحزاب اليسارية والانفصالية الكتالونية في التساؤل حول سبب اخفاء المركز الوطني للاستخبارات الإسبانية CNI لوجود علاقة بينه وبين المدعو عبد الباقي الساتي، الذي أكدت التحقيقات بأنه زعيم الخلية الإرهابية التي كانت ستقوم بتنفيذ هجمات إرهابية واسعة النطاق في برشلونة، وتمكنت العناصر الناجية من تلك الخلية من تنفيذ العمليات الإرهابية التي وقعت في وسط مدينة برشلونة وفي بلدية كامبرليس في 17 أغسطس 2017. وتعتبر تلك الأحزاب بأن المركز الوطني للاستخبارات الإسبانية قد أخفى بذلك المعلومات التي كانت لديه عن تلك الخلية وزعيمها والعقل المدبر لهجمات كانت ستتم على نطاق أوسع لولا إنفجار العبوات الناسفة داخل المنزل الذي تواجدت فيها العناصر الإرهابية في بلدية الكانار التابعة لمحافظة تارراجونا في شرق إسبانيا، وأن هذا الجهاز الأمني الإسباني كان من الممكن أن يمنع وقوع هجمات برشلونة المذكورة، إلا أن هناك مصادر أمنية تؤكد في المقابل على احتمالية أن يكون المدعو عبد الباقي الساتي قد خدع المركز الوطني للاستخبارات الإسبانية CNI، واستغل تواجده بين عناصر الخلية الإرهابية للتخطيط لهجمات بدلا من إفادة الأجهزة الأمنية بمعلومات عن نشاط تلك الخلية.

وتسبب تناقل هذه المعلومات المسربة في حالة من الجدل السياسي بين الأحزاب السياسية الإسبانية خاصة وأن المركز الوطني للاستخبارات الإسبانية CNI قد قام بإخفاء معلومات عن أجهزة الدولة المعنية تفيد بتجنيده لأحد العناصر المتطرفة لجمع معلومات عن خليه إرهابية كانت سينتهي بها الأمر لتنفيذ هجمات إرهابية ضد منشئات سياحية ودينية في مدينة برشلونة، وتُحمل تلك الأحزاب بذلك المركز الوطني للاستخبارات مسؤولية علمه بوجود خلية إرهابية وعدم اتخاذ الاجراءات الاحترازية الكافية لمنع وقوع الهجمات التي شهدتها مدينة برشلونة وبلدية كامبرليس في أغسطس من عام 2017م.