الاستراتيجية الوطنية الإسبانية لمكافحة الإرهاب تبرز المخاطر والتهديدات الأمنية التي تواجه إسبانيا


صادق مجلس الأمن الوطني الإسباني CSN في تاريخ 19 مارس 2024م النُسخة المُستحدثة مما تعرف بالاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب ENCOT-23، والتي تضمنت بعض الإشارات إلى المصادر الحالية التي تُهدد الأمن القومي الإسباني، والتي يأتي من أبرزها ما يلي:

▪️اعتبرت الاستراتيجية الوطنية الإسبانية لمكافحة الإرهاب بأن الوضع الأمني في منطقة المغرب العربي يمثل عنصرا أساسيا ومُحددا لمستوى الحذر الأمني والتهديد الإرهابي داخل إسبانيا، كذلك بمثابة عنصر مؤثر على المصالح الإسبانية في دول تلك المنطقة. وأشارت الاستراتيجية المذكورة إلى أن مكافحة الإرهاب في هذه المنطقة تمثل أولوية بالنسبة لإسبانيا ، وواحدة من التحديات الكبيرة التي تواجه البلاد في الوقت الراهن.

▪️أشارت استراتيجية ENCOT-23 إلى تزايد علاقات التعاون بين العناصر الإرهابية المُتطرفة والجريمة المنظمة، لاسيما وأن هذه العلاقات أدت إلى توسع نشاط هذه العناصر، وإمداد جماعات إفريقية تابعة لتنظيمي داعش والقاعدة بالموارد اللوجستية اللازمة، من تأهيل وأسلحة وعتاد عسكري، كما أدت هذه العلاقات إلى تزايد نشاط المقاتلين الإرهابيين من الأجانب CTE، وتحديدا الذئاب المُنفردة.

▪️ذكرت الاستراتيجية بأنه قد تم رصد وجود وتزايد لعلاقات التعاون بين العناصر الإرهابية المغاربية مع بعض العناصر من المقيمين داخل إسبانيا، فضلا عن تزايد أعداد العناصر الإرهابية الأجنبية القادمة من منطقة المغرب العربي داخل إسبانيا –6 من كل 10 عناصر إرهابية صادر بحقها أحكام قضائية أو لقت حتفها في إسبانيا خلال العقد الأخير مولودين في المغرب – نسبة 55,9% -، و5 من كل 10 عناصر منهم يحملون الجنسية المغربية -نسبة 48% -.

▪️تم رصد كذلك تزايد في التواصل بين العناصر الإرهابية وعصابات الاتجار بالبشر، وتحديدا في المنطقة الوسطى لحوض البحر المتوسط، وهو ما يزيد من مخاطر دخول الإرهابيين والعناصر الإرهابية العائدة إلى الأراضي الأوروبية، كذلك من فرص عودة عناصر شديدة التطرف.

▪️يأتي التهديد الإرهابي لـ إسبانيا بشكل أساسي من كل من تنظيمي القاعدة وداعش، لاسيما بعدما ارتكزت الاستراتيجية الحالية لهذه التنظيمات في الدول الغربية على دعوة مناصريهم لتنفيذ عمليات إرهابية منفردة، على يد مقاتلين أجانب وعائدين من مناطق الصراعات المُسلحة، أو عناصر قادمة من فروع إقليمية وخلايا محلية لهذه التنظيمات.

▪️ذكرت الاستراتيجية الوطنية الإسبانية لمكافحة الإرهاب بأنه يُقصد بالعناصر الإرهابية الأجنبية المعروفة في إسبانيا باسم CTE تلك العناصر التي تحمل الجنسية الاسبانية أو المقيمة في إسبانيا ، والتي سافرت اعتبارا من عام 2011م إلى كل من سوريا والعراق للقتال بين صفوف التنظيمات الإرهابية، وهي الظاهرة التي تعتبرها الاستراتيجية المذكورة بمثابة تهديد للأمن القومي الإسباني، ومصدر قلق بالغ للسلطات الأمنية في إسبانيا، خاصة وأن تلك العناصر الإرهابية العائدة قد تلقت تدريبات وتأهيل في مناطق الصراعات المُسلحة وأصبح لديها دراية وخبرات كافية في حمل واستخدام الأسلحة والعتاد العسكري، وتنفيذ عمليات إرهابية، كذلك دراية بالطرق وبالعملاء الذين يُسهلون لهم القيام بهذه العمليات، فضلا عن كونهم محاور أساسية لزرع الأفكار المُتطرفة في عناصر أخرى، وامتلاكهم لإمكانيات حقيقية لتنفيذ هجمات وعمليات إرهابية.

▪️أشارت الاستراتيجية كذلك إلى أن إسبانيا مع هذه الظاهرة بإجراءات مُحددة مثل إعداد قائمة مُوحدة للعناصر الإرهابية الأجنبية، مسؤول عنها مركز الاستخبارات لمكافحة الإرهاب والجريمة المُنظمة CITCO”، وتحديث إجراءات المراقبة الأمنية والقضائية اللازمة، كذلك مشاركة البيانات وفقا للقنوات الاعتيادية لتبادل المعلومات.

▪️ذكرت الاستراتيجية الوطنية الإسبانية لمكافحة الإرهاب بأن تهديد الذئاب المنفردة قد تزايد خلال السنوات الماضية، وذلك بسبب سهولة نشر المواد الدعائية التي تحرض على التطرف والعنف عبر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما سمح لهم بالتعرض للأفكار المتطرفة دون الحاجة للانتماء إلى تنظيم إرهابي. كما تتزايد في الوقت ذاته صعوبة رصد نشاط هذه العناصر كونهم يعملون من داخل مجموعات صغيرة، ولا تربطهم أي صلة بتنظيمات إرهابية معروفة، فضلا عن استخدامهم لأي أدوات كسلاح في تنفيذ هجماتهم وعملياتهم الإرهابية. وتوصي الاستراتيجية الوطنية الإسبانية لمكافحة الإرهاب بضرورة اتخاذ تدابير وقائية وأمنية من بينها الرصد والكشف المُبكر عن نشاط هذه العناصر ومن يزرعون الأفكار الإرهابية فيهم، كذلك سحب أي محتوى يحمل تحريضا على الإرهاب في الشبكة الدولية الانترنت، والحيلولة دون استخدام هذه العناصر للوسائل المُتاحة في هذه الشبكة. كما تعتبر الاستراتيجية المذكورة بأنه من المُهم دعم توعية المجتمع بمخاطر وتهديدات الذئاب المُنفردة، وتعزيز التسامح والاندماج والشمولية المجتمعية لمنع انتشار الأفكار المُتطرفة والعنيفة. كما أوصت الاستراتيجية بضرورة وأهمية دعم تلك المبادرات والأبحاث والدراسات التي تُحدد العلاقة المحتملة بين الصحة النفسية الانعزال المجتمعي والتطرف، وذلك في إطار استراتيجيات مكافحة الإرهاب والوقاية من التطرف العنيف، سواء كان ذلك على مستوى الاتحاد الأوروبي أو المستوى الدولي.

▪️أشارت الاستراتيجية الوطنية الإسبانية لمكافحة الإرهاب إلى أن السجون يجب أن تحظى هي كذلك باهتمام وأولوية السلطات المعنية في إسبانيا لاسيما وأنها يمكن أن تتحول لبيئة يمكن بداخلها أن تقوم عناصر متطرفة بتجنيد عناصر أخرى بين السجناء، وتحريض هذه العناصر على التطرف.

▪️أشارت كذلك الاستراتيجية إلى أهمية التركيز على الوضع الأمني في منطقة الساحل الإفريقي، لاسيما وأن التهديدات الإرهابية في هذه المنطقة، وتزايد نزوح المهاجرين غير النظاميين، يمكن أن يتسبب في انضمام هؤلاء المهاجرين لصفوف جماعات إرهابية لتغطية نفقات انتقالهم وسفرهم نحو الأراضي الأوروبية.

▪️ذكرت بأن الحرب الروسية في أوكرانيا يمكن أن تكون بمثابة عنصر مُحفز للإرهاب، لاسيما وأن هذه الحرب قد تسببت في تزايد حركة وانتشار الأسلحة والمواد المتفجرة، وتزايد مشاركة مقاتلين بشكل طوعي ومن جنسيات أجنبية في هذه الحرب. فضلا عن أن عدم الاستقرار العالمي بسبب الحرب بين إسرائيل وحركة حماس يترك تداعيات سلبية على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفيما يتعلق بالهجرة غير النظامية، فضلا أن هذا الصراع يمثل خطرا حقيقيا ومباشرا يتسبب في زيادة التهديد الإرهابي والتطرف العنيف وفي ظهور حركات جديدة تدعم الأيدولوجيات العنيفة والراديكالية.

تعد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب ENCOT-23 بمثابة تحديث لتلك النسخة السابقة المعمول بها منذ عام 2019م ، وتهدف هذه النسخة الجديدة للتوافق مع الإطار الذي وضعته استراتيجية الأمن الوطني الإسباني التي تم إقرارها في ديسمبر 2021م ، كذلك للتعريف بالأوضاع الراهنة للتهديدات الإرهابية والتطرف العنيف، بما يتماشى مع باقي تلك الاستراتيجيات التي وضعتها المنظمات الدولية التي تتواجد فيها إسبانيا مثل استراتيجية الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب، واستراتيجية المجلس الأوروبي لمكافحة الإرهابية والاستراتيجية العالمية للأمم المُتحدة لمكافحة الإرهاب.

تتماشى كذلك الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب مع القيم المنصوص عليها بالدستور الإسباني، وتُسهم في دعم تلك الشروط التي تضمن الحريات والمساواة وتوفير الأمن لجميع أفراد المجتمع والمواطنين والمؤسسات، والالتزام في ذلك وبشكل تام بحقوق الانسان وبالحق في ممارسة الحرية العامة، كذلك تعترف بدعم وتقديم المساعدة الشاملة والدائمة لضحايا الإرهاب.

تجدر الإشارة كذلك إلى أن التوصيات الأخيرة للمركز الوطني للاستخبارات CNI قد أشارت إلى ضرورة أن تستمر الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في إسبانيا في حالة التأهب القصوى والابقاء على درجة الحذر الأمني عند المستوى 4 خاصة بعدما أكد هذا المركز في تقارير مختلفة بأن إسبانيا لاتزال مستهدفة من قبل التنظيمات الإرهابية التي تسعى إلى استقطاب وتجنيد المزيد من العناصر التابعة لها داخل الأراضي الإسبانية. وتستمر الأجهزة الأمنية في تتبع نشاط العناصر المتطرفة المشتبه فيها من أجل تحديد توجهاتها ودرجة خطورتها وذلك في إطار الخطط الأمنية الاستباقية التي وضعتها وزارة الداخلية الإسبانية منذ عام 2015م.