عهد جديد من الحكم في إقليم كتالونيا:

الحزب الاشتراكي يفوز برئاسة الحكومة المحلية لإقليم كتالونيا الإسباني بعد انهيار هيمنة استمرت 14 عاما لقوى التيار الانفصالي

صورة مصدرها وكالة أنباء Europa press

الجمعة 9 اغسطس 2024 م ، فريق التحليل السياسي hisparabia.com 

حصد مرشح الحزب الاشتراكي الكتالوني لرئاسة الحكومة المحلية لإقليم كتالونيا، سلفادور إييا، أثناء الجلسة البرلمانية المُنعقدة في تاريخ 8 أغسطس 2024م بمجلس النواب المحلي لهذا الإقليم، دعم نواب قوى التيار اليساري الممثلة داخل البرلمان الكتالوني، وتحديدا كل من الحزب الانفصالي اليسار الجمهوري ERC، وحركة Comuns-Sumar الكتالونية، لينفرد بتأييد الأغلبية البرلمانية المُطلقة 68 نائب من أصل 135، التي كفلت له أن يصبح رئيسا للحكومة المحلية الجديدة في إقليم كتالونيا خلال السنوات الأربعة المُقبلة.

كانت جميع المؤشرات تؤكد بأن مُرشح الحزب الاشتراكي PSC المذكور هو الأقرب لتشكيل تحالف مع باقي قوى التيار اليساري في كتالونيا للوصول لرئاسة الحكومة المحلية في الإقليم الإسباني، تدعمها الأغلبية من أعضاء البرلمان المحلي الكتالوني، في الوقت الذي كانت تتزايد فيه صعوبة أن تعود القوى السياسية الداعمة للانفصال الكتالوني لتتحالف وترأس هذه الحكومة إجمالي 59 مقعد، بعدما لقت هذه القوى خسارة وتراجع واضح في تأييدها من قبل الناخبين من سكان إقليم كتالونيا، في الوقت الذي منح فيه هؤلاء الناخبون الفرصة الأكبر للحزب الاشتراكي للحكم في كتالونيا، وعززوا في الوقت ذاته من تواجد قوى التيار اليميني بين صفوف المُعارضة السياسية في البرلمان المحلي لإقليم كتالونيا.

يمثل فوز القيادي الاشتراكي سلفادور إييا برئاسة الحكومة المحلية لإقليم كتالونيا عودة للحزب الاشتراكي إلى السلطة والحكم في هذا الإقليم الاسباني بعد 14 عاما من حكم قوى التيار السياسي المُناصر لانفصال واستقلال كتالونيا عن إسبانيا، وهي السنوات التي شهدت حالة من انعدام الاستقرار الداخلي والسياسي في هذا الإقليم، والدخول في مواجهات مع الحكومة المركزية الإسبانية، وتحديدا إبان فترة حكم الحزب الشعبي اليميني PP.

يمثل كذلك هذا الفوز – وفي ظل تراجع هيمنة الأحزاب الانفصالية، أو على الأقل تحجيم نفوذها في صنع القرار السياسي بإقليم كتالونيا- فرصة لاستعادة الاستقرار في كتالونيا، بقيادة حكومة اشتراكية مُعتدلة ترفض فكرة استقلال هذا الإقليم عن إسبانيا، وتدعم اندماج كتالونيا وسكانها ضمن نسيج الأقاليم الخاضعة للحكم الذاتي في البلاد، كما أنها حكومة تُدافع عن بقاء كتالونيا داخل إسبانيا والاتحاد الأوروبي، وعن سرعة تنفيذ وتفعيل قانون العفو عن القيادات الانفصالية المسجونة والهاربة، لاسيما وأن هذا القانون يُسهم – وفقا لوجهة نظر الحزب الاشتراكي وقوى التيار اليساري في إسبانيا- في تعزيز هذا الاستقرار الداخلي والتعايش السلمي واستعادة الحوار وتغليب الحلول السياسية في كتالونيا على تلك الحلول الأحادية الجانب التي كانت لها تداعيات سلبية على هذا الإقليم.

⁠يأتي هذا الفوز ليبرهن على أن إقليم كتالونيا قد شهد خلال السنوات الماضية تحولا واضحا، بعدما ذهب الناخبون من مواطني الإقليم نحو اختيار الاستقرار بعد سنوات من التوتر والنزاع، مفضلين دعم أحزاب إسبانية داعمة للدستور على تلك الأحزاب الانفصالية التي لم تحقق تقدماً ملموساً في مشروع الاستقلال الكتالوني، وهو ما اتضح في الانتخابات المحلية المُنعقدة مؤخرا في هذا الإقليم 12 مايو 2024م، والتي شهدت تراجعاً واضحاً للقوى الانفصالية، مما فتح الطريق أمام الحزب الاشتراكي الكتالوني لتولي الحكم في هذا الإقليم، وتعزيز في الوقت ذاته تواجد التيار اليميني في صفوف المعارضة السياسية في البرلمان المحلي لهذا الإقليم.

كشف هذا الفوز عن أن تحالف الحزب الاشتراكي الكتالوني PSC مع حزب اليسار الجمهوري الانفصالي الكتالوني ERC، بأن هناك تفاهم وتقارب في التوجهات السياسية للحزبين، بعدما عكس هذا التقارب مرونة سياسية ورغبة في التعاون المُشترك لتحقيق أهداف تتجاوز قضية الانفصال في كتالونيا، مثل استعادة الاستقرار الاقتصادي وتعزيز التنمية والخدمات الاجتماعية والصحة والتعليم في هذا الإقليم.