ملك إسبانيا: “الانبهار الإسباني بأم الدنيا يعود إلى نهاية القرن التاسع عشر، ومصر ليست دولة صديقة فحسب، وإنما هي شريك استراتيجي ومحوري في العملية اليورومتوسطية”.

  • ۲۰ فبراير، ۲۰۲۵
  • سياسة
  • 0 Comments

الخميس 20 فبراير 2025 ، وكالات أنباء

أقام العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس بتاريخ 19 فبراير 2025م بمقر القصر الملكي في مدريد مأدبة غداء على شرف زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الرسمية إلى إسبانيا، والوفد المرافق له من أعضاء ووزراء بالحكومة المصرية.

ألقى ملك إسبانيا بكلمة أمام الرئيس المصري والوفد المرافق له، في حضور عدد من المسؤولين الإسبان وفي مقدمتهم كل من رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيث، ووزير الخارجية الإسباني، خوسيه لويس ألباريس، أكد خلالها على أن “مصر ليست فقط دولة صديقة، وإنما هي كذلك حجر الأساس في العملية اليورومتوسطية، وطرف رئيسي في القارة الإفريقية، وشريك استراتيجي هام لإسبانيا في المنطقة الشرق الأوسط، تلك المنطقة التي تمر للأسف بمرحلة جديدة من عدم الاستقرار تسببت فيها توترات جيوسياسية وصراعات ممتدة كان سببا في الكثير من الألم والمعاناة، خاصة وأن هذه المنطقة تواجه تحديات إنسانية كبيرة للغاية، لا يجب أن نتجاهلها”. وأضاف العاهل الإسباني قائلا: “ما يحدث في هذه المنطقة من توتر متزايد لا يؤثر فقط على الدول الموجودة فيها، وإنما يمتد هذا التأثير ليطال الأمن العالمي، لاسيما فيما يتعلق بأسواق الطاقة ونزوج الهجرة غير النظامية”.

أبرز ملك إسبانيا دور و”اسهامات مصر، في ظل هذا المشهد المُعقد، في استعادة الاستقرار الإقليمي، وتوسطها لدعم الحوار الذي أصبح أهم من أي وقت مضى”، وذكر بأنه “أمام فرض الكلمة يأتي الحوار، وأمام الصراع التفاهم، وأمام المعاناة التعاطف”، وأضاف قائلا: “الحوار ليس خيارا من بين الخيارات، وإنما هو السبيل الوحيد للتوصل لاتفاقات عادلة ودائمة”.

ذكر بأنه “وبعد مرور أشهر طويلة من العنف المتزايد – الذي تسبب في عدد غير محتمل من الضحايا، وأدى إلى دمار وتهجير قسري- كان التوصل مؤخرا إلى وقف لإطلاق النار في غزة، والذي كان لمصر دورا حاسما فيه، بمثابة فرصة هامة يجب أن نحافظ عليها وندعمها”. وأضاف بأن إسبانيا ” تقوم كذلك على الأرض وبشكل فاعل بدعم الحفاظ على بقاء وقف إطلاق النار، كما أنها تدعم الوقف النهائي لكافة العمليات العدائية، علما بأن الحرس المدني الاسباني يدعم السلطة الوطنية الفلسطينية في تأمين معبر رفح”. وأشار إلى أن إسبانيا “ستواصل دعم عودة غزة كي تكون قادرة على إعادة البناء والإعمار واستعادة الخدمات الأساسية والأمن في هذا القطاع”.

أبرز العاهل الإسباني اتفاق كل من بلاده ومصر على ضرورة دعم حل الدولتين إسرائيل وفلسطين، وأضاف قائلا: “نستمر في التزامنا التاريخي بدعم عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط”، وشدد على اتحاد كل من مصر وإسبانيا في “التصدي وبشكل مشترك لتلك الأزمة الإنسانية إلى قطاع غزة، وتعاون البلدين في نقل المرضى والمصابين بجروح خطيرة من قطاع غزة”، وذكر بأن كل من مصر وإسبانيا “تواصلان دعم استمرار نشاط وعمل وكالة الأمم المُتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا”، التي اعتبر ملك إسبانيا بأنها وكالة “لها دور لا غنى عنه سواء داخل الأراضي الفلسطينية أو في المنطقة بأكملها”.

أوضح كذلك العاهل الإسباني اتفاق رؤية وتوجهات إسبانيا مع مصر في قضايا وأزمات أخرى بالمنطقة “مثل لبنان أو العراق أوسوريا أواليمن أوالسودان”، وشدد على “وجوب مواجهة هذه الأزمات بالتعاون الدولي المُتعدد، باعتبار هذا التعاون هو السبيل الوحيد المستدام في عالم يواجه الكثير من التحديات التي تهدد القانون الدولي”، وأكد ملك إسبانيا على ضرورة أن يقوم “هذا التعاون المتعدد الأطراف على الحوار والتفاهم والاحترام المتبادل باعتبارها عناصر أساسية لتحقيق السلام والأمن والتقدم المستدام”.

أشار العاهل الإسباني إلى أن كل من إسبانيا ومصر قد عززتا خلال السنوات العشرة الماضية من علاقات التعاون الثنائي بينهما، وتحول هذا التعاون بهذه الزيارة الرسمية التي يقوم بها الرئيس المصري إلى إسبانيا إلى “شراكة استراتيجية”، تحقق “تقدما نوعيا على كافة المستويات، ونتطلع بان تفتح هذه الخطوة آفاقا لتحقيق رخاء وتقدم دولتين صديقتين وشريكتين”.

اختتم ملك إسبانيا خطابه مؤكدا على أن “الحوار الاقتصادي في هذه الشراكة الاستراتيجية يعد بمثابة أمر محوري لبحث تلك الفرص الجديدة للاستثمار والتجارة”، وأثنى العاهل الإسباني على تلك الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها الحكومة المصرية، والتي اعتبر بأنها كان لها دورا بارزا في زيادة الاستثمارات الإسبانية في السوق المصري، ودعمت تواجد الشركات الإسبانية في مصر في قطاعات رئيسية مثل البنية التحتية والنقل والبيئة وإدارة المياه والطاقة، وهي القطاعات التي تملك فيها الشركات الاسبانية خبرات مميزة، إلى جانب قطاعات أخرى تمتد إليها هذه الشراكة مثل الدفاع والأمن والطاقة المتجددة”.

أشار كذلك العاهل الإسباني إلى أهمية قطاع السياحة بالنسبة للبلدين، حيث ذكر قائلا: “كان الاهتمام بالتعرف على ثقافة البلدين هو ما أدى إلى توافد أعداد كبيرة من السائحين بين مصر وإسبانيا، فمصر شريك هام في هذا القطاع”. وأضاف بأنه فيما يتعلق بالتعاون الثقافي بين البلدين “فكان لتواجد المراكز الثقافية الإسبانية في مصر دور هام في دعم انتشار اللغة الإسبانية في مصر، لاسيما وأن هذه اللغة تتمتع بشعبية كبيرة بين أبناء المجتمع المصري، الأمر الذي اتضح في زيادة عدد الطلاب الدارسين للغة الإسبانية في مصر، وفي زيادة عدد أقسام اللغة الإسبانية في الجامعات المصرية سواء كانت العامة أو الخاصة، فضلا عن أن هناك أكثر من 12 بعثة اسبانية لاكتشاف الآثار تعمل بشكل مشترك مع السلطات المصرية”.

أشار العاهل الإسباني إلى إن هذا الانبهار بـ “أم الدنيا في إسبانيا قد بدأ بالتزامن مع نهاية القرن التاسع عشر، وذلك بفضل عالم الآثار والدبلوماسي الاسباني إدواردو تودا، وهو الذي يعد أول عالم اسباني متخصص في المصريات، والذي أكد بأنه لا يوجد في العالم بلد وشعب مثير للاهتمام مثل مصر، ذلك البلد الذي يمتزج فيه الحاضر بالماضي، وتستمر فيه تلك التقاليد الراسخة منذ أزمنة بعيدة”. وذكر العاهل الإسباني قائلا: “نشعر بالفخر بمشاركة إسبانيا في إنشاء المتحف المصري الكبير، أكبر متحف آثار في العالم”، وأشار ملك إسبانيا إلى أنه يتم وضع اللمسات الأخيرة على تلك الزيارة المرتقبة الذي سيقوم بها هو وزوجته الملكة ليتيثيا إلى مصر، تلك الزيارة التي ذكر بأنهما “يتشوقان إليها كذلك على المستوى الشخصي”.